أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية حكمًا قضائيًا يقضي باستمرار التدابير التحفظية الصادرة ضد شركة "المتحدة للصيادلة"، وهي من أكبر الشركات العاملة في مجال توزيع الأدوية بمصر، وذلك في إطار الدعوى المقامة بطلب من عدد من الشركات الدوائية المتضررة، وعلى رأسها شركة "الأندلس الطبية"، وبدعوى وتحرك قانوني من الدكتور هاني سامح المحامي.
وقد قررت المحكمة، في جلستها المنعقدة اليوم ، استمرار القيود التي سبق وأن فرضتها بموجب قرارها الصادر في 9 فبراير الماضي، والتي تقضي بحظر كافة التصرفات المالية المجانية أو الضامنة على الشركة، ومنع بيع أو التصرف في أصولها إلا في حدود النشاط التجاري المعتاد، مع إبقاء الإشراف القضائي على الشركة من خلال الخبير المالي أسامة مجاهد الشافعي الذي جُدد تكليفه بمتابعة تنفيذ خطة إعادة الهيكلة المالية المقدمة من الشركة.
وأعلنت المحكمة أن جلسة النظر في تجديد هذه التدابير ستُعقد بتاريخ 19 أكتوبر المقبل، بدأت فصول هذه الأزمة في أكتوبر 2023 عندما توقفت "المتحدة للصيادلة" عن سداد شيكات بلغت قيمتها آنذاك نحو 97 مليون جنيه لصالح شركة "الأندلس الطبية"، ما دفع الأخيرة لتحريك دعوى إشهار إفلاس أمام المحكمة. وسرعان ما انضمت إلى القضية شركات دوائية أخرى بينها "راميدا"، و"إيبيكو"، و"ماجيستيك بايوفارما"، و"سيرفييه مصر"، و"أورجانو للصناعات الدوائية"، و"البرج للصناعات الدوائية"، والتي طالبت مجتمعة بمبالغ ضخمة نظير تعاملات لم تسددها الشركة منذ ما يزيد عن عامين.
وقد كشفت الأوراق الرسمية للدعوى أن البنك التجاري الدولي (CIB) طالب بإشهار إفلاس الشركة، بعد أن بلغت مديونيتها له وحده نحو 995.7 مليون جنيه حتى فبراير 2025، بالإضافة إلى فوائد وعوائد وعمولات متراكمة وفقًا لتعهدات حصلت الشركة بموجبها على تسهيلات ائتمانية منذ يناير 2017، لكنها أخلّت بالاتفاقات منذ نوفمبر 2023.
كما دخل بنك "كريدي أجريكول" المصري بمديونية تقارب النصف مليار جنيه وبنك "الإمارات دبي الوطني" على خط المطالبات، لترتفع قيمة الديون المُثبتة في أوراق القضية إلى عدة مليارات ، ما جعل من قضية "المتحدة للصيادلة" أكبر ملف تعثر مالي بقطاع توزيع الدواء .
في محاولة منها لتفادي المصير القاسي المتمثل في إشهار الإفلاس، تقدمت "المتحدة للصيادلة" بطلب لإعادة هيكلة أوضاعها المالية، بما يسمح باستمرار نشاطها تحت إشراف قضائي، على أمل أن تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الدائنين، واستعادة التوازن المالي والإداري.
وقد أبدت المحكمة استعدادها للنظر في خطة إعادة الهيكلة المقدمة من الشركة، لكنها اشترطت الشفافية الكاملة في تقديم المستندات، وتنفيذ تدابير جادة لحماية حقوق الدائنين، وهو ما أكد عليه الدكتور هاني سامح، مشيرًا إلى أن "القانون يمنح الشركات المتعثرة فرصة للعودة، لكن بشرط الالتزام التام بالإفصاح والجدية".
بموجب قرارات المحكمة، تم إخطار كل من هيئة الدواء المصرية، والبورصة المصرية، والجهات الرقابية المالية المختصة، لضمان المتابعة الدقيقة للإجراءات، ومنع أي تصرفات يمكن أن تُخل بحقوق الدائنين.
يذكر ان اللجنة المشرفة تمارس بالتنسيق مع الخبير المكلف، دورًا رقابيًا صارمًا على كل تحركات الشركة المالية والإدارية، في إطار خطة لتقييم ما إذا كانت "المتحدة للصيادلة" تستحق فرصة جديدة، أو أن إفلاسها بات أمرًا لا مفر منه.