بقلم - لاله خليل زاده
المستشارة القيادية في مركز تحليل العلاقات الدولية في جمهورية أذربيجان
أنهت أذربيجان عام 2024 بتحقيق نجاح دبلوماسي هام، ففي 19 ديسمبر، تم انتخاب أذربيجان بالإجماع عضوًا في منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي خلال القمة الحادية عشرة التي عقدت بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكان هذا القرار تاريخيًا من حيث توسيع المنظمة لأول مرة منذ تأسيسها في عام 1997، وبانضمام أذربيجان كعضو تاسع في المنظمة، أكدت مرة أخرى مكانتها على الساحة الدولية، وأهميتها في مجال التعاون العالمي.
وتتكون منظمة الثمانية الإسلامية، من دول تمثل 13% من سكان العالم، وتجمع ناتجًا محليًا إجماليًا يفوق 4 تريليون دولار، وتجمع هذه المنظمة الدول التي تقع ضمن ثلاث قارات، وتشكل 60 % من اقتصاد الدول الإسلامية التي يزيد عدد سكانها على 1.2 مليار نسمة.
في الوقت الراهن، تتولى مصر رئاسة منظمة الثمانية الإسلامية، وقد نظمت قمة هذا العام، وسوف تستمر في قيادة المنظمة حتى نهاية العام المقبل، وتشمل الدول الأعضاء في المنظمة كلٍ من «تركيا، ومصر، وبنغلاديش، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، ونيجيريا، وباكستان»، والهدف من منظمة الثمانية الإسلامية، هو تعزيز مشاركة الدول النامية في اتخاذ القرارات على المستوى الدولي، وتحقيق مستويات حياة أفضل، وتعزيز موقف هذه الدول في الاقتصاد العالمي.
وفي الوقت نفسه، تسعى المنظمة إلى خلق فرص جديدة في العلاقات التجارية، أما موضوع القمة الحادية عشرة لعام 2024 فقد تم تحديده كـ«الاستثمار في الشباب، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة .. بناء اقتصاد المستقبل»، ونظرًا لأهداف المنظمة، ورؤيتها، فإنه يمكن القول، إن هذه العضوية ستخلق العديد من الفرص الإضافية لكل من أذربيجان والمنظمة.
من جهة أذربيجان، تعد هذه العضوية مهمة من حيث توسيع التعاون الاقتصادي، والتجاري، وتعزيز حماية البيئة، والتنمية المستدامة، وزيادة فرص الاستثمار، كما أنها خطوة هامة لجذب استثمارات جديدة في مشاريع إعادة الإعمار التي تُنفَّذ حاليًا في منطقة قراباغ لأذربيجان.
وتتيح عضوية أذربيجان بالمنظمة، أيضًا فرصًا استراتيجية، واقتصادية هامة، لمنظمة الثمانية الإسلامية، حيث تنضم المنظمة إلى منطقة هامة استراتيجيًا مثل القوقاز الجنوبي، كون موقع أذربيجان على سواحل بحر قزوين في منطقة استراتيجية تربط الشرق بالغرب، بالإضافة إلى دورها كجسر بين العالم الإسلامي والعالم التركي، يمثل ميزة استراتيجية كبيرة، وهذا يشكل أهمية كبيرة من حيث إقامة الروابط العابرة للحدود وتطوير حركة التجارة،؟ وإذن، يحصل كلا الطرفين على فرص واسعة للتعاون، وهو ما يعد أمرًا مهمًا في تعزيز قوة المنظمة وزيادة إمكاناتها الاقتصادية.
ليس من قبيل الصدفة أن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، عبّر عن تهنئته بمناسبة انضمام أذربيجان إلى هذه المنظمة، حيث أكد قائلاً: «لا شك أن عضوية أذربيجان في منظمة د-8 ستساهم في إثراء المناقشات والتعاون المشترك، وستمنح دفعة جديدة للعلاقات بين البلدان».
من جهته، في رسالة التهنئة التي وجهها فخامة رئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، إلى فخامة رئيس جمهورية مصر العربية بمناسبة التنظيم الرفيع المستوى للقمة الحادية عشرة لمنظمة التعاون الاقتصادي (د-8) ونتائجها الناجحة، ذكر فيها: «إن اتخاذ قرار تاريخي لأول مرة في العاصمة الإدارية الجديدة بشأن توسيع منظمة د-8 يعد مؤشراً على الثقة الدولية التي تحظى بها أذربيجان، وفي الوقت نفسه هو مصدر فخر خاص لنا، وإن الدعم الواضح الذي عبرت عنه الدول الأعضاء في المنظمة لترشيح أذربيجان هو تجسيد للعلاقات القوية والتعاون بيننا وبين كل دولة عضو، وهو تجسيد لوحدتنا وتضامننا».
وانضمام أذربيجان للمنظمة يعد أيضاً دليلا قاطعا على التضامن الإسلامي، بالنظر إلى أن أحد أولويات السياسة الخارجية لأذربيجان هو تعزيز التضامن الإسلامي، فإن البلاد تستمر في تعزيز جهودها في هذا المجال، مما يسهم في تعزيز مبادئ السلام والاستقرار والتعاون في العالم الإسلامي.
كانت الحكومة الأذربيجانية قد أعلنت هذا الشهر عن عزمها بالتعاون مع تركيا للعمل على حل الأزمة الإنسانية في سوريا بعد التغيير الحكومي هناك، وفي الوقت نفسه، منذ أكتوبر من العام الماضي، قامت أذربيجان بعدة إرساليات للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بسبب الأزمة المستمرة هناك.
تُظهِر الأنشطة الإنسانية التي تقوم بها أذربيجان في كل من سوريا، وغزة موقفها النشط في مكافحة الأزمات الإنسانية على المستويين الإقليمي والدولي، وتؤكد هذه المبادرات مشاركة أذربيجان في النزاعات الإقليمية من خلال تبني نهج بناء وسلمي، وتسعى إلى استعادة السلام في مناطق النزاع مع العالم التركي والدول الإسلامية.
من أبرز أمثلة التضامن بين أذربيجان والدول العربية هو الدعم المتبادل الذي لوحظ منذ سنوات طويلة في المنظمات الدولية، فلقد تطورت هذه العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، سواء خلال فترة الاحتلال الأرمني لأراضي أذربيجان، أو أثناء حرب الـ44 يومًا من أجل الوطن، أو في فترة ما بعد الحرب، فقد تلقت أذربيجان دائمًا الدعم الدبلوماسي من الدول الإسلامية.
وعضوية أذربيجان في منظمة دـ8 دول تعزز ثقة المجتمع الدولي في بلادنا وتقوي موقفها في مجال التعاون الإقليمي، كما أن هذه العضوية تساهم في زيادة مشاركة أذربيجان في المشاريع الإقليمية والدولية، مما يؤكد مكانتها كشريك موثوق، وفي الوقت نفسه، فإن إقامة علاقات قوية مع دول دـ8 يعزز تنمية الاقتصاد الأذربيجاني ويزيد من دوره الاقتصادي على الصعيدين العالمي والإقليمي، كما أن تعميق التعاون في إطار منظمة دـ8 دول سيوفر فرصًا جديدة، لاسيما في إقامة علاقات أوثق بين أذربيجان والدول الأعضاء في المنظمة في المجالات الاقتصادية والسياسية.
إن تعزيز العلاقات بين أذربيجان ومصر وتقوية التعاون المشترك سيفتح أيضًا فرصًا جديدة لتوسيع التعاون في إطار الهياكل الدولية، ولاشك أن أذربيجان ستسهم بشكل مهم في تعبئة الجهود المشتركة للحفاظ على المبادئ الأساسية للمنظمة وتعزيز التعاون ضمن إطارها.