هل نستطيع بناء الإنسان؟ .. سؤال إذا ما وجهناه لبعض مسئولي الحكومة ومنهم بعض السادة المحافظين، ستكون الإجابة السريعة، والراقية، والكلاسيكية هي نعم يا فندم .. نستطيع بناء الإنسان، في أقصر وقت ممكن، ونستطيع أن نحقق للمواطن أقصى طموحاته.
لكني أختلف مع هذه الإجابة التي تبتعد كثيرا عن الحقيقة، حيث أتساءل مستنكرا كيف لمسئول حكومي أن يبنى إنسانا، ويحقق أقصى طموحاته وآماله في الحياة، وهو من أخفق في تحقيق أدنى طموحات المواطن اليومية، وهي السيطرة على تعريفة الركوب للمواصلات، وإحكام الرقابة على مواقف السيارات، وإجبار السائقين على الالتزام بتعريفة الركوب المعتمدة من الأجهزة المعنية، لتخفيف الأعباء عن كاهل البسطاء الذين تتكلف مواصلاتهم يوميا -طبقا لحسابات الحكومة-، أرقاما زهيدة، بينما تتفاقم هذه الأرقام في الحقيقة إلى أرقام فلكية أخرى.
لم يكن أدنى حلم المواطن البسيط، هو إجبار السائقين على الالتزام بتعريفة الركوب المحددة من قبل إدارات المواقف والمرور بالمحافظات، بل تمادت هذه الأحلام لتصل إلى اعتماد الأجهزة المعنية لتعريفة الركوب الموجودة فعليا على أرض الواقع، لسد الفجوة الواضحة بين ما هو موجود في سجلات الحكومة، وما يدفعه المواطن يوميا.
قد لا يصدقني أحد، أن هذا الطموح، توصلنا به إلى أحد مسئولي الحكومة، وطلبنا «تطبيق تعريفة الركوب المعتمدة من قبل المحافظة»، فلم يحظ الأمر بالقبول لدى سيادة المسؤول، فطلبنا «اعتماد تعريفة الركوب التي يدفعها المواطن»، وذلك لسد الفجوة بين تعريفة السائق، وتعريفة الحكومة، خاصة أنه من المرتقب أن تكون هناك زيادات أخرى قادمة في سعر المحروقات.
تعريفة الركوب، قد يراها البعض ليست ذي قيمة، لكنها بالنسبة لآخرين ذات قيمة كبرى، وقد يراها البعض أن تطبيقها أو عدم تطبيقها لن يضير الأمور شيئا، ولن يؤثر بالسوء على الوطن، لكن في الحقيقة إذا كنا نتحدث عن أن مصر دولة قانون، والكل فيها سواسية، وأن من يخالف القانون فهو مجرم يستحق العقوبة ليكون عبرة لمن تسول له نفسه مخالفة القانون، فكيف سمح كل مسؤول لنفسه أن يعتمد تعريفة الركوب ولا يسعى لتطبيقها.
فالمسؤول، أصدر قرارا، واعتمد شيئا، وأهمل في تنفيذه، ولم يتابع التنفيذ، واعتمد على التقارير الوهمية التي لا يغيب النص فيها عن كلمة «كلمة تمام يا فندم»، وكأن الوضع الحالي مقصود فيه أن يشعر المواطن بفجوة بين القرارات وتنفيذها، خاصة أن هذه المرة التي لم يتابع أحد من السادة المحافظين أو غيرهم من مسئولي المحليات والمواقف التزام السائقين بتعريفة الركوب المعتمدة والمقررة من قبل بعض المحافظين، وإن كان البعض تابع الأمر قد يكون تابعة من خلال التقارير الوهمية.
وهنا أعيد تساؤلي مرة ثانية لبعض الغافلين عن مهمتهم القومية في حماية المواطن قبل بنائه، وإعادة حقوقه قبل المن عليه، كيف تستطيع بناء الإنسان، وأنت لا تستطيع تطبيق تعريفة الركوب المعتمدة مؤخرا وصدر بها قرارًا منذ شهرين كاملين.
يا سادة اجعلوا البداية الحقيقية لتنفيذ مبادرة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بداية جديدة لبناء الإنسان، بمفهومها الشامل والقويم، من تنفيذ القرارات الحكومية بشأن تعريفة الركوب، وإلزام السائقين بالعمل بالتعريفة المقررة من قبل الحكومة، فإن استطعنا فلتكن هي اللبنة الأولى لبناء الإنسان.